الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه logo إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
shape
حول أركان الصلاة (لقاء مفتوح)
10606 مشاهدة print word pdf
line-top
تفسير قوله: مالك يوم الدين

إذا قال القارئ: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ الدين هو يوم القيامة، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ سمي بيوم الدين؛ لأنه الذي يجازى فيه العباد على أعمالهم، يوم الجزاء والحساب، وهو يوم القيامة، اليوم الآخر؛ فإذا قال: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ اعترف بأن هناك يوم آخر وهو بعد هذه الحياة الدنيا، بعد انتهاء الدنيا يبعث الناس يوم القيامة ويدانون؛ يعني: يجازون بأعمالهم، كما في قول الله -تعالى- يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ ثم قال: وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ فهذا يوم الدين، يوم الجزاء والحساب؛ الله -تعالى- هو المالك له وحده.
في ذلك اليوم يتخلى كل عن ملكه لا أحد يملك شيئا ولو حبة، ولو ذرة؛ كل يتخلى عما كان يملكه، يكون المُلك لله وحده؛ هذا الاعتراف بأن الله -تعالى- هو المالك، وأن الملك ملكه، وأنه المتصرف في خلقه، يحمل المسلم على أن يدين لله -تعالى- بالعبودية، وأن يعترف بفضله، وأن يعترف بعطائه وإنعامه عليه، وأن يعبده حق عبادته؛ إذا قال: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ .
مع أن الله تعالى مالك الدنيا، ومالك الدين؛ فالملك الحقيقي لله -تعالى- قال -تعالى- تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ ولكن في الدنيا من يتسمون بأنهم ملوك، وفي الآخرة كل يتخلى عن ملكه، فلا أحد يستبد بملك شيء، لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ .

line-bottom