إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
حول أركان الصلاة (لقاء مفتوح)
7939 مشاهدة
تفسير قوله: مالك يوم الدين

إذا قال القارئ: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ الدين هو يوم القيامة، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ سمي بيوم الدين؛ لأنه الذي يجازى فيه العباد على أعمالهم، يوم الجزاء والحساب، وهو يوم القيامة، اليوم الآخر؛ فإذا قال: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ اعترف بأن هناك يوم آخر وهو بعد هذه الحياة الدنيا، بعد انتهاء الدنيا يبعث الناس يوم القيامة ويدانون؛ يعني: يجازون بأعمالهم، كما في قول الله -تعالى- يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ ثم قال: وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ فهذا يوم الدين، يوم الجزاء والحساب؛ الله -تعالى- هو المالك له وحده.
في ذلك اليوم يتخلى كل عن ملكه لا أحد يملك شيئا ولو حبة، ولو ذرة؛ كل يتخلى عما كان يملكه، يكون المُلك لله وحده؛ هذا الاعتراف بأن الله -تعالى- هو المالك، وأن الملك ملكه، وأنه المتصرف في خلقه، يحمل المسلم على أن يدين لله -تعالى- بالعبودية، وأن يعترف بفضله، وأن يعترف بعطائه وإنعامه عليه، وأن يعبده حق عبادته؛ إذا قال: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ .
مع أن الله تعالى مالك الدنيا، ومالك الدين؛ فالملك الحقيقي لله -تعالى- قال -تعالى- تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ ولكن في الدنيا من يتسمون بأنهم ملوك، وفي الآخرة كل يتخلى عن ملكه، فلا أحد يستبد بملك شيء، لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ .